"أنا خسرت كل شيء، حتى فلوس شراء الخاتم راحت."

في عطلة نهاية الأسبوع، فجأة جاء أجايد وحط شاشة جواله قدام عيني. خانة الرصيد، أربع خانات، لونها أحمر يوجع العين. قبل نص سنة كان يتفاخر قدامي إن حسابه فيه أكثر من ثلاثين ألف — رأس مال جمعه في أكثر من سنتين عشان يبدأ مشروعه، والحين ما بقى إلا الباقي.

حطيت له قطعة لحم في صحنه، وما تكلمت على طول، طلعت له محادثة قديمة في الواتساب: "وقتها قلت لك جرب بجزء بسيط، قلت عني 'خواف وما عندي جرأة'، وبعدين؟ دخلت بكل شيء على رافعة خمس أضعاف، تذكر؟"

مسك راسه، حتى الكرسي ما عاد قدر يجلس عليه: "في القروب كل يوم أحد ينشر صورة أرباحه، وعبارات مثل 'إذا ما ركبت الموجة دي بتندم طول عمرك' و'إذا مو الحين، متى؟'... أنا شفت تذكيراتك وظنيتها كلام فاضي، وسحبت عليها."

شفت كثير زي كذا. مجال الكريبتو كذا دايم، كل جديد يظن نفسه لقى سر الثراء، بس أول ما يدخل بكل فلوسه يكتشف الدنيا أعمق بكثير. فتحت له تطبيق التداول وورّيته: "السوق هذا ما ينام، رأس المال يدور في كل العالم. تحسب كل مرة تشتري ينزل السعر، وكل ما تبيع يرتفع لأنك مستهدف؟ الحقيقة إن عقلية الهوامير واضحة عند الكبار. فلوسنا قدامهم مثل ورق فوق الموية."

أجايد قرب مني، ونظراته كلها قهر: "في أمل؟ أنا كل يوم أتابع السوق للساعة ثلاث الفجر، وتعلمت مؤشرات فنية كثيرة."

ضحكت: "طرق الربح في الكريبتو أسهل مما تتخيل — الصعب أبدًا مو في الفرص، الصعب إنك تضبط نفسك وما تتصرف بدون تفكير. كنت أعرف واحد يشتغل في التداول الكمي، وبـ..." (وقبل أكمل، جاء الجرسون بالأكل وقطعنا.)

الصراحة، السوق مليان قصص، لكن اللي ينقص هو ناس تتعلم من قصص غيرها. الرافعة سلاح ذو حدين، والانهيار ممكن يصير في لحظة.